جزيرة نلوتى

*تاريخ منشأة المدن والقرى السودانية*
   🌴🌴🌴🌴🌴
صلاح شفيق همام 
   🌴🌴🌴🌴🌴
من الموسوعة العلمية الحرة. ...✍️.....بتصرف
               🌴
 نبذه تعريفية عن قرى الولاية الشمالية

قرى الولاية الشمالية قرية قرية
لتكون بمثابة توثيق شامل وتعريف عن كل قرية
              🌴

 *جزيرة نلوتى* 



(تاريخ جزيرة نلوتى)

تاريخ نلوتي تحت شعار أمة لا تعرف تاريخها لا تحسن صياغة مستقبلها.

مقدمة :
شأننا شأن المناطق النوبية الأخرى فإن تاريخ المنطقة ضارب في القدم ويكفي القول بأن حضارتنا وأعني حضارة الكيان النوبي الكبير والتي نعتز ونفتخر بانتمائنا لها هي أول حضارة قامت علي وجه الأرض واعرق حضارة شهدها التاريخ وقد شهدت مدينة كرمة حاضرة النيل بداية أول مملكة في العالم ولا يسع المجال هنا بسرد تفاصيل التاريخ النوبي العريق لضيق المساحة مع عظم وكبر تاريخنا النوبي الممتد منذ عصور ما قبل التاريخ ولأننا نؤمن بأن التاريخ ليس مجرد أقاصيص تحكى ولا هو مجرد تسجيل للوقائع والأحداث إنما يدرس التاريخ للعبرة ويدرس لتربية الأجيال .

أغلب الظن أن تاريخ جزيرة نلوتى يرجع إلى النوبة المسيحية أي حوالي 550 – 1400 ميلادية لوجود شواهد مسيحية بالجزيرة ممثلة في المدافن وبعض الشواهد الكنسية في مناطق متفرقة من الجزيرة أبرزها مبنى كنسي صغير بمدافن نلوتي جنوب وقيل أنه كان يوجد به جرس كبير من ذهب وتم سرقته في بداية خمسينات القرن الماضي عن طريق لص محترف لا ينتمي إلى المنطقة بأي صلة وقد عرف القيمة التاريخية لهذا الجرس بجانب قيمته المالية ولم يعرف أهالي المنطقة بسرقة الجرس إلا بعد غيابه.
من المعلوم انه لا توجد مصادر تاريخية موثقة عن تاريخ الجزيرة عدا طريق إسناد الروايات عبر الأجيال المتلاحقة وبعض الشواهد التاريخية من دفوف ومدافن وقلاع ترجع إلى عصور مختلفة وتتشابه المناطق المجاورة في أغلب خصائصها مع خصائص جزيرة نلوتي نسبة للتداخل الأسرى والجغرافي والتاريخي للمنطقة ككل.
إذن دعونا نتحدث عن مسمى نلوتي و كيف كان الناس يعيشون ويتكلمون وما هي ظروف الحياة التي أحاطت بهم والمناخ بكل معانيه المختلفة.

التسمية:
من المستحيل الوصول إلى حقيقة ومعنى اسم الجزيرة بالرغم من الروايات الكثيرة التي يتناقلها المواطنون عن اسم الجزيرة ومنها مثلاً (نلون متو) شرق نلوهـ - أسوة بـ أشمتو وسركمتو وكيمتو فهذه التسمية غير دقيقة وذلك للبعد الجغرافي البين بين نلوتى ونلوه وأيضا أتفق أهالي نلوتي في عدم دقة التسمية المنسوبة إلى بقرة نلوة أي بقرة مملوكة لأحد أعيان نلوه جرفها تيار النيل إلى جروف هذه الجزيرة غير المسماة في ذلك الوقت لتأخذ تسمية (نلون تي)
يتفق كثير من أهالي نلوتى إلى تسمية ( نلو وتي) ومعناها ليلة قمرية واحدة أي أن أبناء نلوتى في ذلك الزمن السحيق قاموا بحفر البر الغربي لتوصيل المياه من الجنوب للشمال (لتستفيد الضفتين نلوتى وحميد من المياه وذلك بعمل سواقي وشواديف ( آلات ذلك الزمان) للزراعة وأغلب الظن أن أبناء حميد قد شاركونا الحفر لما لهذه القناة من نفع ) وهذا يمكن تصديقه على فرضية أن نلوتى كانت شبه جزيرة ولم تكن بحجمها الحالي بالتأكيد وهذا ما يؤكده التاريخ بأن أغلب الجزر لا تتآكل ولكن تزداد حجمها بتراكم الطمي على حوافها بفعل السدود الحجرية البدائية ( ككر) وللعلم حتى تأخذ هذه المقولة بعدا علميا يمكن تأكيد ارتباط نلوتي بجغرافية حميد وذلك بوجود سد حجري ممتد من حميد حتى نهاية نلوتي شرقا من جهة صاب )
أما قراها الصغيرة فمنسوبة ألي أسماء (صمد) رئيس مجموعة المزارعين في كل ساقية من الأجيال السابقة لعهد المواطنين الحاليين وكانوا أقباطا وما زالت قبورهم وكنائسهم باقية بالجزيرة والسكان جميعهم الآن مسلمون يصلون في مسجدين عتيقين (مسجد نلوتى جنوب) ذات المئذنة الحديثة و(مسجد نلوتى شمال) وإمامهم الحالي هو الحفيد الحادي عشر من أول إمام صلى بالناس بمسجد نلوتى شمال وقبلهما كان مسجد (مالطة).
يتفق الرأي الآخر بأن أسماء القرى عجمية منسوبة إلى أسماء خواجات وليست أسماء نوبية ولكن يختلف في قبطية المعتقد ويميل بأن هذه الأسماء أسماء يهودية بدليل أن أغلبها تنتهي بياء ونون على وزن (كوهين) ومثال على ذلك جكعين، إجمعين، ونيسين، سادين، نبرين، جديدين، كناهين، أفيلين ،قردئيل وقد يتحسس البعض بذكر كلمة اليهود وللتأكيد وجد شاهد قبر بإحدى مدافن نلوتى وجيئ به إلى البروفسور نجم الدين شريف الذي اكد بأن هذا الشاهد ينسب إلى قبر يهودي ، فالمنطقة كباقي المناطق الأخرى بشمال الوادي تعاقبت عليها الديانات المختلفة وكما ذكر في التاريخ فنحن ننتمي إلى كوش إبن حام وليس (سام أبو العرب وفارس والروم واليهود والنصارى) ...... ( حام : أبو السودان من المشرق الى المغرب , السند والهند والنوب والزنج والحبشة والقبط والبربر.

السكان:
أغلب سكان الجزيرة من أصول نوبية وعربية وتركية امتزجت دماؤها تماماً وربطتهم فصاروا جميعاً أهلاً وعشيرة, ويقال بأن "عمر الثقاف" صاحب " عمرين دفي" يعتبر جداً لأغلبية سكان هذهـ الجزيرة

الحرفة الرئيسية
يعمل المواطنون بالزراعة منذ عهد السواقي ولقد استبدلت بطلمبات زراعية صغيرة اغلبها تجارية ويهتمون بزراعة النخيل ويبلغ عددها حوالي 25,000 نخلة الآن, ومن المحاصيل المعروفة - الشتوي القمح/ الفول المصري/ البصل والترمس في الجروف وفى الصيف يزرعون الذرة والذرة الشامي والأعلاف وفى موسم الدميرة يهتمون بزراعة الذرة واللوبيا – وفى الماضي عرفوا زراعة السمسم والدخن والبسلة والعدس والشمار مع بعض من أنواع الخضراوات.

بالجزيرة 34 ساقية ذات مساحات مختلفة لا تزيد أكبرها مساحةً عن 7 فدان وأغلب هذهـ الأراضي مهجورة الآن بسبب الهجرة الكثيفة التي اضطر إليها الناس لصعوبة الحياة بها مع قلة الإنتاج وارتفاع تكاليف الإنتاج.
يوجد بالجزيرة نفر كريم اهتموا بصناعة المراكب الشراعية كحرفة رئيسية وقد ذاع صيتهم بالناحية أمثال المرحوم علي شلبي ، المرحوم فرح حسن ، المرحوم عثمان الأمين ، أحمد حسين و عبد الفضيل .

🌴جغرافية الجزيرة
تحاط جزيرة نلوتى بالمياه في الصيف وتنحسر عنها المياه في الشتاء بالبر الغربي لتكون شبه جزيرة .
تتكون سطح الجزيرة من الجروف عند الشاطئ ( السلوكة) ثم أرض السواقي – ثم منطقة حجرية تغطي أوسطها و أراضيها الضيقة صالحة للزراعة بدرجة عالية وكان محصول البلح فيها من أجود أنواع البلح في المنطقة ومنها القنديلة/ البركاوي وأنواع مختلفة تندرج تحت اسم (الجاو) ولجودة المحصول كان يأتي إليها إدارة مصنع كريمة للتمور والعصائر للتزود من البلح الذي كان المادة الرئيسية لمصنعهم وكانوا يقيمون زهاء ال 20 يوم لإنجاز المهمة على نفقة الأهالي.

حول نلوتى جزر غير مأهولة الآن وتستغل للزراعة فقط منها بالبر الغربي إبرا هيمن آرتي، خليلن آرتي، كروي ، بيبي أرو، بيبي كلو،عيسن آرتي،حسنين آرتي،مورن بندي،عالية، جركى، ابشاش ومن ناحية الجنوب قطاب ، سالي بركية من ناحية الشرق قزبه، دكو، حاجن آرتي ، نبرين آرتي، محمدن آرتي، سرمتى ، بندي كدا .

🌴التجارة والاقتصاد
يعتمد غالبية أهالي نلوتى على المداخيل الزراعية في حياتهم اليومية ويأتي محصول البلح كمصدر أساسي للدخل بجانب انشغالهم ببعض النشاطات الأخرى كالتجارة والأعمال الحرفية الأخرى.
توجد عدة مؤسسات تجارية بالجزيرة تدار عن طريق اللجنة الإدارية نذكر منها الطاحونة ، المشرع ، الصهريج، الدقاقة والتراكتور.

🌴المناخ:
مناخ صحراوي جاف على مدار السنة و يتميز بالحرارة الشديدة في فصل الصيف والبرودة الشديدة في فصل الشتاء يفصل بينهما فترات تميل إلى الاعتدال مع هطول أمطار متفرقة حسب تحرك الفاصل المداري للشمال .

🌴النظام الإداري :
نظام الإدارة سابقا هو النظام الأهلي المطبق في عموم المنطقة ممثلة في العمودية التي تضم تحت إمرتها مجموعة من المشايخ ويعتبر العمدة أعلي مرتبة وقوة من الشيخ وتندرج جزيرة نلوتى تحت حكم المشايخ وقد تعاقب علية نفر كريم من أبنا الجزيرة بجانب مجلس شوري غير منتخب إن جاز لنا التسمية ممثلة في بعض الأجاويد الذين يتصفون بالمنطق والحكمة ورجاحة العقل والقبول من الأهالي.
أدخلت نظم إدارية حديثة بعد مجيئي حكومة الإنقاذ ممثلة في اللجان الشعبية والتي تعدلت الآن إلي النظام الإداري القديم وذلك بتصعيد عدد متفق عليه من الكبار والشباب لتولي أمر الجزيرة وتسير مؤسساتها المختلفة

🌴التعليم:
كان قليل جداً من الناس يهتمون بموضوع التعليم الديني المعروف في القديم و أرسلوا أبناؤهم إلى المحس (قرية كوكة) فحفظوا القرآن هناك ومنهم الحاج محمد صالح وعبد الحفيظ محمد مسل و أرسل آخرون أبناؤهم إلى دنقلا والشايقية ومنهم الشيخ خليل حسين أبو بكر ثم فتح الشيخ (نواري) خلوة لتحفيظ القرآن في (أفيلين) وما زالت آثارها باقية إلى اليوم وبعد ذلك افتتحت خلوة في (نبريين) للشيخ مدني وما زالت الخلوة باقية. ثم فتحت خلوة في (جكعيين) تحت إشراف المرحوم سعيد الدنقلاوي ثم خلوة (صاب) بقيادة الشيخ خليفة خليل واستمر الخلوتان جكعين وصاب في العطاء المفيد حتى إنشاء مدرسة نلوتى الصغرى كمدرسة وحيدة بعمودية صواردة شرقاً وغرباً وذلك في عام 1942م وانضم إليها جيران الخلوتين كتلاميذ في هذهـ المدرسة, وهكذا تبدل نظام التعليم من ديني ملتزم إلى مدرسة حديثة تعلم العلوم الحديثة, و أول المعلمين بها هم السادة/ فقير سعيد خليفة خليل/ إسماعيل محمد/ سعد الدين طه/من صواردة / محمد حامد من جزيرة سمد بالإضافة إلى الأستاذ محمد وردي ثم عثمان همد/ إبراهيم حاكم والشيخ سيد احمد قرقور من صاي, وارتفع شأن وقدرة المدرسة الصغرى في عهد مديرها الشيخ (خليل على) الذي نقل أليها من عبود وكان من (عبري) خلفاً للشيخ فقير سعيد ثم رفعت إلى مدرسة أولية مختلطة فمرحلة الأساسي الباقية الآن قامت على العون الذاتي للمواطنين ومن أوائل المتعلمين في مدارس خارج نلوتى جيل السادة/ ميرغني شريف/ محمد عبد الكريم حاكم/ محمد فرح صالح/ عبد الرحيم سعيد, وكانت فرص التعليم في ذلك الزمان وقفاً لأهل المال والجاهـ والوساطة القوية جداً.

🌴الصحة:
من الأمراض المستوطنة بالجزيرة/ الملاريا/ الدسنتاريا – ثم السرطان الذي أصبح هاجس مجتمع المنطقة كلها في السنوات الأخيرة . وفى الماضي كان الممرضون ومساعدو الحكيم يأتون في جولات لنلوتى لتزويد الناس بجرعة الوقاية ضد الجدري ولعلاج المرضى وتؤخذ بعض الحالات إلى عبري وصوا ردة ووادي حلفا – والى مصر إذا دعت الضرورة وكان عمال مكافحة الناموس يأتون لمحاربتها. وفتحت نقطة غيار وجاء ممرضون من حلفا وغيرها, ثم رفعت إلى شفخانة وعمل بها المساعد الطبي عثمان حسين شلبي (نلوتى)/ بدري راشد من دلقو / عوض عبد الله عنبر من قبة سليم/ عبد الرازق محمد شريف (نلوتى) ومن الممرضين نذكر مدثر علي فرح ، عثمان محمد شريف وآخرون كثيرون من المنطقة وغيرها والآن هنالك خطوات من قبل المواطنين ببناء مركز صحي بمواصفات جيدة على نفقتهم الخاصة ، ولا ننسي في هذا المجال إسهامات عبد الفضيل كطبيب بلدي تحت مسمي بصير لتخصصه وبراعته في جبر الكسور وشيوع صيته بالمنطقة، وفي الجانب النسوي لابد من ذكر المرحومة عائشة محمد أحمد / خديجة إبراهيم و نعمات علي عباس وقد تخصصن في الولادة والطهور .

🌴المواصلات:
شهدت نلوتى عهد البريد منذ منتصف القرن الماضي يديرها المرحوم إسماعيل محمد مع خط تلفون مباشر لكل السودان ثم أصبحت مكتباً للبريد وممن عملوا فيها السادة/ حفني أفندي/ حسين محمد عبدهـ, ولم يبق منها الآن إلا تلفون هوائي واحد فقط.

مجالات أخرى
نشأت في نلوتى أول طاحونة بالمنطقة كلها كشركة مساهمة وجاء محمد المصري كأول سواق للطاحونة ثم بعدهـ الاوسطى عيسى من أرقو يساعدهـ عبد الرسول وأبو الجيوب ثم الأسطى محمد وزوجته دوه التي كانت تحضر خصيصا في موسم حش التمر مع أسماء معروفة كانت تأتي لجمع محصول البلح ومن ثم أخذ حقها من الكرامة منها على سبيل المثال لا الحصر أدون ، خدم الله ، فاطمة شيخه وخديجة نيج .
الحاج فرح عثمان كان المشرف والمحصل ا للطاحونة القديمة.

مفردات حياتية أخري جديرة بالملاحظة
في موسم الصيف وعندما ينشف مجرى النيل حول الجزيرة بالبر الغربي كانوا يحفرون جمامات ماء ويشربون منها ومن أشهر تلك الجمامات جمام مالطة.
كان المواطنون شديدو الحرص للمحافظة على إحياء الليالي بالذكر ومدح الرسول (ص) و الختمية ومن تلك المناسبات/ المولد النبوي الشريف/نصف شعبان/ المعراج/ العيدين/ ومن بينها يوم معين يشرب فيه كل المواطنين ماءً قرأ عليها (فقير الحلة) أما العاشوراء فكأنها تقاليد وممارسات يتبارك بها الكبار ويستمتع بها الصغار.

🌴الألعاب:
عرف أهل الجزيرة (الأطفال والصبيان والصبايا) ألعاباً كثيرة موسمية منها (الدكي/ الكود/ السباحة/ المصارعة/ الشنتات/ الطاب/ وأغلبها كانت تمارس باختلاط تام بين الجنسين.

🌴الأدب:
مارسوا الرقص والغناء مع آلة الطنبور في مناسبات الأعراس والولادة والوصول من السفر, كما كانت الجدات يحفظن عدد هائل من القصص والأحاجي وكن يروين تلك الأحاجي لصغارهن عندما يلجأن إلى فراشهم ليناموا متأثرين بتلك الأحاجي التي حضرت واستقرت في ذاكرتهم تاركة آثاراً واضحة في التربية.

   🌴🌴🌴🌴🌴           🌴🌴🌴🌴🌴

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.