مدينة الخرطوم بحري


*صلاح شفيق همام*

المصدر الموسوعة العلمية الحرة....بتصرف 
*مدينة الخرطوم بحري*

الخرطوم بحري، وتُعرف اختصاراً لدى السكان المحليين باسم بحري، مدينة تقع من الناحية الشمالية لمدينةالخرطوم، ضمن المثلث الحضري الذي تتكون منه العاصمة المثلثة السودانية، إلى جانب كل من مدينة الخرطوم التي تقع جنوبها، ومدينة أم درمان التي تقع من الناحية الغربية لها. وهي أصغر منهما من ناحية المساحة والسكان وأحدثهما تاريخياً، ولكنها لا تقل منهما أهمية، وهي واحدة من أكبر المناطق الصناعية في السودان. وهي أيضاً نقطة وصل مهمة تربط العاصمة بشمال السودان عبر السكك الحديديةوجنوبه حتى منطقة كوستي ودولة جنوب السودان بالبواخر النيلية، كما أنها تمثل الوجه السياحي الهادئ للعاصمـةوذلك لما تتميز به عن باقي مدن العاصمة من هدوءوجو جميل ، فضلاً عن دورها في تنشيط الحركةالصوفية من خلال الأضرحة والقباب لأقطاب المتصوفة فيالسودان.
أماالخرطوم بحري كمحلية فهي ذات رقعة جغرافية واسعة تمتد شمالا حتى قري وشلال السبلوقة مع حدود ولاية نهر النيل على طول نهر النيل من مناطق الكدرو، وابوحليمة، والسروجية، والخوجلاب، وحلة الفكى هاشم، إضافة إلي قرية الجعليين، والخليلة، والكباشى، والسقاى، والتمنيات، والجيلى، واو سى، وود رملي، والنخيلة، و(التكينة ودعتمان)، ودبك، والسليت، و(قلعة مالك)، بالإضافة إلى قُرى قرّي وهي(الشايقية والحواويت والغار). وتحدها من الناحية الشرقية محلية شرق النيل (الحاج يوسف)، ومن الناحية الغربية محليتي أم درمان وكرري حيث يفصلها منهما نهر النيل.
التسمية
عندما جاءت القوات البريطانية والمصرية إلى الخرطوم في إطار عملية استرداد السودان في سنة 1899 م، أقامت وحدات الجيش المصري التركي في الضفة الشمالية لنهرالنيل الأزرق المقابلة للخرطوم وأطلقوا عليها اسم الخرطوم البحرية أو الخرطوم بحري كما هو شائع، بمعنى الخرطوم شمال، ولفظ بحري في اللهجة المصرية العربية يرادف كما هو معروف لفظ شمال، حيث يطلق المصريون على كل المناطق في اتجاه البحر الأبيض المتوسط اسم الوجه البحري والمناطق التي تقع في الجنوب تجاه القبلة وتقع جنوب مصر بالوجه القبلي ومن هنا جاءت تسمية الخرطوم بحري. وبالنسبة للإنجليز فإن الخرطوم بحري هيKhartoum North أي الخرطوم شمال وهو المعنى نفسه للخرطوم بحري. ومما هو جدير بالملاحظة أنه لم يطلق على الخرطوم الواقعة على الضفة الجنوبية للنهر اسم الخرطوم قبلي (عكس بحري) بل عُرفت باسم الخرطوم عموم.
التاريخ
كانت المنطقة المعروفة الآن باسم الخرطوم بحري تتكون إبان العهد التركي وعهد المهدية من بضعة منازل تقليدية منتشرة حول ضريحين لشيخين من شيوخ الصوفية في السودان، وهما الشيخ حمد ود أم مريوم والشيخ خوجلي عبد الرحمن. وتزايد عدد القاطنين حولهما لتبرز في الفترة ما بين القرن السابع عشر والثامن عشر قريتين إحداهما هي "حلة حمد " والأخرى "حلة خوجلي" (والحلة لفظ عربي يطلق على المكان الذي يحل فيه الناس ويقيمون) وتطورت في الفترة ذاتها وفي المكان نفسه قريتان أخرى ان هما قرية شمبات وقرية الصباني.
في مطلع القرن الماضي وصل خط السكك الحديدية الذي أنشأه لورد كيتشنر إبان الحملة البريطانية - المصريةلإستعادة حكم السودان من المهدية، 
اكتسبت المنطقة أهمية كبرى وتم ربطها مع الخرطوم من خلال بناء جسر يمر فوقه خط السكك الحديدية والمركبات والدواب والناس، وإزدادت أهميتها عندما تم فيها توزيع الأراضي الزراعية القريبة من نهر النيل الأزرق قبالة الخرطوم على مزارعين من غير السودانيين كالمصريين الأقباط والسوريين واللبنانيين وغيرهم، فأقاموا مزارع وبساتين تمد العاصمة بحاجتها من الخضر والفواكه والألبان ومن تلك المزارع مزرعة كافوري الشهيرة في شرق المدينة.

استقرت هذه الأسر والعائلات في المنطقة حتى تكونت جالية كبيرة، يضاف إليها مجموعة من موظفي الحكومة والحرفيين والتجار الذي اختاروا المنطقة التي أصبح اسمها الخرطوم بحرى وأقاموا في حي اطلقوا عليه اسم حي الأملاك الذي أصبح فيما بعد واحد من احياء المدينة الجميلة.
شهدت المدينة تطوراً كبيراً عندما قرر الحكم الثنائي تشييد سجن عمومي كبير فيها بالقرب من شاطيء نهر النيل الأزرق عرف باسم سجن كوبر Cooper والذي حُجز فيه العديد من الشخصيات التي ثارت ضد الحكم الثنائي ونادت بتصفيةالاستعمار آنذاك وابرزهم اعضاء جمعية اللواءالأبيض، كما كانت تجرى فيه احكام اعدام الجناة والسياسيين. كذلك أقام البريطانيون في الخرطوم بحري مصلحة المخازن والمهمات وهي المسؤولة عن صناعة الأجهزة والمعدات والأدوات والأثاث والملابس التي تستخدم في كافة مصالحالحكومة الدولة مثل المدارس والجامعات والجيش والشرطة، وتخزبن تلك اللوجستيات وتوزيعها. كما تم إنشاء مصلحة النقل الميكانيكي وكانت مسؤولة من استيراد السيارات الحكومية واعدادها وصيانتها وتوفير فطع الغيار لها وتزويدها بالوقود وغيرها من مواد المحركات.
وحظيت الخرطوم بحري أيضاً بإنشاء «مصلحة الوابورات » أو النقل الميكانيكي أو النقل النهري. وكانت تملك البواخر النيلية وتسيطر على الخط النهري إلى الجنوب انطلاقاً من مينائها النهري الرئيسي ويسمى الأسكلة. وقد أحدثت هذه المصالح الثلاث نقلة حضرية كبيرة ليس في الخرطوم بحري فحسب بل في السودان حيث دخلت السودان لأول مرة الآلات الميكانيكية كالسيارات والبواخر لتحل محل الدواب في النقل والتنقل براً والقوارب بحراً. كما أتاحت للسودانيين فرص التدريب على تلك الآلات والمعدات.
أما بالنسبة للخرطوم بحري فقد توسعت المدينة من حيث العمران الذي صاحب هذه المؤسسات كالمكاتب والمخازن ومنازل الموظفين والعمال فضلاً عن استقبالها للمسافرين والمستخدمين لما تقدمه هذه المؤسسات من خدمات.
وفي عام 1921، تم تأسيس بلدية في الخرطوم بحري إسوة بكل من الخرطوم وأم درمان وبذلك أصبح لبحري إدارتها المحلية الخاصة بها.
كما شهدت المدينة توسعاً في امتدادات أحيائها السكنية. واقيمت في المدينة منطقة صناعية كبيرة تضم مصانع للصناعات الخفيفة كالصابون والزيوت والحلويات والأدوات المنزلية والملابس. وقد اتخذتها طائفة الختمية الصوفية وما يتبع لها مؤسسات سياسية مقراً رئيسياً لها.
وظلت الخرطوم بحري بعيدة إلى حد ما عن الأجواء السياسية في العاصمة المثلثة باستثناء سجن كوبر الذي كانت أية حكومة جديدة تنقل إليه معارضيها السياسيين،
حتى برزت بقوة عندما اطلقت عليها صواريخ كروز أمريكية لتصيب مصنع الشفاء للأدوية بالمنطقة الصناعية وتدميره كرد من جانب الولايات المتحدة على التفجيرات التي تعرضت لها سفارتيها في دار السلام ونيروبي باعتبار أن المصنع كانت له صلة بالمتهم الأول في التفجيرات أسامة بن لادن.

 بعض مشاهير المدينة
الرشيد الطاهر بكر
التيجاني الماحي
علي الميرغني زعيم طريقة الختمية الصوفية، وراعي الحزب الاتحادي الديمقراطي السابق
نصرالدين السيد، نائب برلماني سابق
الروائي فؤادأحمد عبدالعظيم، مؤلف رواية بكاء على التابوت
المطرب عبد العزيز محمد داؤود
الشاعر مسعد حنفي
فريق أولاد شمبات الغنائي
الفنان صلاح بن البادية
ثنائي العاصمة (الغنائي)
الجاك عجب، لاعب سابق لكرة القدم بالسودان
هيثم مصطفي، كابتن الفريق القومي السوداني لكرة القدم
محمد خير الزبير وزير مالية سوداني سابق
الرشيد الطاهر بكر، نائب رئيس جمهورية ووزير خارجية السودان السابق
إدريس جماع، شاعر سوداني
التجاني الماحي، أول اخصائي سوداني في الأمراض العصبية والنفسية
الصادق عبد الله عبد الماجد، من زعماء الأخوان المسلمين بالسودان

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.